الله الذى نعبده رداً... على قصيدة "أعباد المسيح لنا سؤال"




الله الذى نعبده
رداً على قصيدة "أعباد المسيح لنا سؤال"
أَعُبَّادَ المَسِيحِ لَنَا سُؤَالٌ نُرِيدُ جَوَابَهُ مَّمِنْ وَعَاهُ
إذا ماتَ الإِلهُ بِصُنْع قومٍ أمَاتُوهُ فَما هذَا الإِلهُ؟
وَيَا عَجَباً لِقَبْرٍ ضَمَّ رَبا وَأَعْجَبُ مِنْهُ بَطْنٌ قَدْ حَوَاهُ
أَقَامَ هُنَاكَ تِسْعاً مِنْ شُهُورٍ لَدَى الظُّلُمَاتِ مِنْ حَيْضٍ غِذَاهُ
وَشَقَّ الْفَرْجَ مَوْلُودًا صَغِيراً ضَعِيفاً، فَاتِحاً لِلثَّدْى فَاهُ
وَيَأْكُلُ، ثمَّ يَشْرَبُ، ثمَّ يَأْتِى بِلاَزِمِ ذَاكَ، هَلْ هذَا إِلهُ؟(1)

أولاً من هو كاتب هذه القصيدة
لم يكن الشيخ محمد حسان هو صاحب هذه الأبيات أنما صاحب هذه الأبيات هو الإمام القيم(2) ابن الجوزية السوري (ويُعْرَف أيضاً باسم أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي)، وهو من علماء الدين الإسلامي (1292-1349م - القرن الثامن الهجري)، وقد نُشِرَت في كتابٍ له بعنوان "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان".  (3)
ثانياً الرد على الأبيات :
 (إذا ماتَ الإِلهُ بِصُنْع قومٍ أمَاتُوهُ فَما هذَا الإِلهُ؟)
ومن قال أن المسيحية تقول بأن الله قد مات ( حاشا ) كيف نقول هذا والوحى يقول فى الكتاب المقدس عن الله  (الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ) (1تى 6 : 16 )
أذن ما هى عقيدتنا ؟
نحن المسيحيون نؤمن بأن الله كلى القدرة القادر على كل شئ غير المحدود الذى لا يحده مكان.
أخذ صورة إنسان وهذا الإنسان له جسد وروح وحينما نقول بأن المسيح مات على الصليب لا نقصد موت اللاهوت( الطبيعة الإلهية) فالله لا يموت لأنه هو الحياة. وأنما نقصد أنفصال روح المسيح الإنسانية عن جسده الإنسانى وهذا هو مفهوم الموت .
فالإنسان عامة عندما تنفصل روحه عن جسده نقول أنه مات بمعنى أنه لم تبقى روحه فى عالمنا وأنما ذهبت الروح إلى مكان أخر . فهذا هو مفهوم الموت.
(وَيَا عَجَباً لِقَبْرٍ ضَمَّ رَبا وَأَعْجَبُ مِنْهُ بَطْنٌ قَدْ حَوَاهُ
أَقَامَ هُنَاكَ تِسْعاً مِنْ شُهُورٍ لَدَى الظُّلُمَاتِ مِنْ حَيْضٍ غِذَاهُ
وَشَقَّ الْفَرْجَ مَوْلُودًا صَغِيراً ضَعِيفاً، فَاتِحاً لِلثَّدْى فَاهُ
وَيَأْكُلُ، ثمَّ يَشْرَبُ، ثمَّ يَأْتِى بِلاَزِمِ ذَاكَ، هَلْ هذَا إِلهُ؟)
ومن يستطيع أن يقول أن الله يمكن أن يحتوى فهو كما قلت سابقاً أنه غير المحوا غير
المحدود وأتحاده بالناسوت ( طبيعة المسيح الإنسانية ) لا يتعارض مع كونه الكائن فى كل مكان فطبيعة الله لا تتغير ولا تتأثر.
فنحن لا نقول بأن الله تحول إلى إنسان .... فهذا غير معقول
أما من ناحية الأكل والشرب وكل الأعمال التى يقوم بها الإنسان . االذى كان يفعلها هو الجسد لأن اللاهوت ( طبيعة الله ) لا يأكل ولا ينام لأنه غير مادى
وهكذا خلط الشيخين (ابن القيم و محمد حسان ) بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية
ولى فى هذا الشأن سؤال قد يقرب الموضوع ويبسطه
وهو ( حينما يأكل الإنسان طعام مادى هل تأكل روحه من هذا الطعام ؟ )
بالطبع لن تأكل روحه من هذا الطعام لأن الروح ليس لها طعام مادى بل الطعام المادى هو غذاء للجسد فقط وليس للروح.
وبالمثل عندما يذكر الكتاب المقدس أن المسيح آكل . فلا يقصد ان اللاهوت( طبيعة الله ) هو الذى آكل إنما يقصد أن الجسد هو الذى أكل.
فاتحاد الله بالجسد , كاتحاد أروحنا بأجسادنا , فكما أن أرواحنا لا تعمل الأعمال المادية ( كالأكل والشرب والنوم .... ) هكذا اللاهوت ( طبيعة الله ) لم (يأكل أو يشرب أو ينام )
وأخيراً
واضح مما ذُكر فى هذه القصيدة مدى فهم الشيوخ الأفاضل الخاطئ لعقائدنا المسيحية
بل أيضاً واضح جداً أنهم لم يّطلعوا على كتابنا المقدس المكتوب بالروح القدس والذى يصف الله بصفات رائعة لا توجد فى أى كتاب أخر
ولك عزيزى القارئ بعض هذه الصفات :
يقول لنا الوحى الإلهى (من لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة. )(1يو 4 : 8 )
هذه الصفة الرائعة صفة المحبة للأسف يا شيوخنا الأجلاء لا توجد فى كتابكم ولم يصف القرآن الله بهذه الصفة !!!.
وأما عن قدرة الله فكتب داود النبى مزمور بوحى الروح القدس يقول
(يَا رَبُّ قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي.أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ.مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ.لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا.مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ.عَجِيبَةٌ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ فَوْقِي. ارْتَفَعَتْ لاَ أَسْتَطِيعُهَا.أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟.إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ.إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ.فَهُنَاكَ أَيْضاً تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ.فَقُلْتُ: إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي. فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي!. الظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا النُّورُ.لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي.أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَباً. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذَلِكَ يَقِيناً.لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا.مَا أَكْرَمَ أَفْكَارَكَ يَا اللهُ عِنْدِي! مَا أَكْثَرَ جُمْلَتَهَا!.)(مزمور 139)
وهنا يوضح لنا الوحى الإلهى أن الله لا يمكن إدراكه وأنه أيضاً كائن فى كل مكان كلى العلم والمعرفة. خالق كل الأشياء ومدبرها . العالم ببواطن الأمور وظاهرها
وأنا أتساءل هل قرأ شيوخنا الأفاضل هذه الآيات ؟ أو الآيات الكثيرة الأخرى التى تتحدث عن صفات الله وعظمته ؟
شئ أخر لم يدركه هؤلاء وهو أن إيماننا بالله ليس إيماناً نظرياً عقلياً فقط , بل هو إيماناً أختبارياً. حيث أختبرنا محبته فى حياتنا .
فهو يعرفنى بأسمى...  فهو إله له علاقة شخصية بكل فرد فينا لا يعاملنا كجماعة فحسب بل يعامل كل شخص بحسب احتياجاته وقدراته.
ولا يهتم فقط بالذين يعبدوه بل يهتم بكل البشر بما فيهم الملحدين والبعيدين عنه . فهو من محبته لنا ينتظر رجوعنا إليه رغم خطايانا وقبحنا وجهلنا به .
فهذه هى المحبة الحقيقية أن يتواضع المحب من أجل أحبائه الضعاف لكى يستطيعوا أن يعرفوه
فإلهنا ليس إله يجلس فى السماء وينزل الويلات على الذين لا يعبدوه فهو ليس محتاج لعبوديتنا بل بطبيعته المُحبة . يدبر أمور الإنسان ويعتني بهي.
قريب جداً من كل الضعفاء , لأنه هو الذى يحول الضعف قوة بل الذى خلق من العدم شيئاً موجوداً.
فهو قادر أن يحول القلوب الحجرية إلى قلوب لحمية حتى تعرفه وتحبه لتتمتع هى أيضاً بحبه.
والأن ... هل تريدوا منا ان نترك هذا الإله المحب ؟؟؟  وأن تركناه نذهب لمن !!!!
فهل تتخيل عزيزى القارئ إله مثله !!!! أقولها لك بكل تأكيد وثقة لا يوجد إله غيره.


بقلم : نادى شحاته

سجل اعجابك بصفحة الأكليريكى نادى شحاته على الفيس بوك







 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)            ملحوظة هذا جزء من القصيدة كان قد ردده الشيخ محمد حسان فى خطبه وهذا الجزء يعبر عن فكر القصيدة كلها ولذلك فالرد على هذا الجزء كافى للرد على القصيدة كلها
(2)             بإمكانكم معرفة المزيد عن الإمام القيم من هنا  http://3bad-elr7man.own0.com/t1161-topic
(3)            ولتحميل نسخة من الكتاب الذى وردت فيه القصيدة من هنا http://www.ibnalqayem.com/books/11-bookibnalqayem.html
شارك هذه المقالة مع أصدقائك :
 

المتابعون