للتصويت على مصر إسلامية ..اضغط هنا
![]() |
| حازم صلاح أبو إسماعيل |
هل تريد مصر إسلامية .. حملة دشنها ناشطون على فيسبوك .. لدعم الداعية الإسلامى حازم صلاح أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية ..
الفقى يعترف: مبارك كان يختار اسوأ شخصيات للوزارة.فيديو
البشاير ـ
اعترف الدكتور مصطفى الفقي سكرتير المعلومات السابق للرئيس المخلوع حسني مبارك بأن مبارك اختار اسوأ الشخصيات لتولي الحقائب الوزارية ..
وقال الفقي في اعترافات للاعلامي المعروف عمرو أديب في القاهرة اليوم أن اختيارات مبارك لوزرائه لم تكن يوما موفقة ..
وقال الفقى يذكر للسادات فى وزاراتة كنت تلاقى اسماعيل صبرى عبدالله , تلاقى الدكتور إمام , تلاقى عبد المعبود الجبيلى , اسماعيل فهمى ,
عبد العزيز حجازى رئيس وزراء ..
وعبد الناصر أيضا كان بيختار شخصيات لها وزنها .. وأظن الاختيارات فى عصر الرئيس مبارك كانت أضعف الاختيارات .
اعترف الدكتور مصطفى الفقي سكرتير المعلومات السابق للرئيس المخلوع حسني مبارك بأن مبارك اختار اسوأ الشخصيات لتولي الحقائب الوزارية ..
وقال الفقي في اعترافات للاعلامي المعروف عمرو أديب في القاهرة اليوم أن اختيارات مبارك لوزرائه لم تكن يوما موفقة ..
وقال الفقى يذكر للسادات فى وزاراتة كنت تلاقى اسماعيل صبرى عبدالله , تلاقى الدكتور إمام , تلاقى عبد المعبود الجبيلى , اسماعيل فهمى ,
عبد العزيز حجازى رئيس وزراء ..
وعبد الناصر أيضا كان بيختار شخصيات لها وزنها .. وأظن الاختيارات فى عصر الرئيس مبارك كانت أضعف الاختيارات .
مبارك اتهم الفقى بالاستيلاء على حكم مصر..فيديو
البشاير ـ
حكي مصطفى الفقي سكرتير مبارك السابق للمعلومات أن الرئيس المخلوع اتهمه بالسطو على حكم مصر .. بسبب توجيهاته للرئيس ..
وقال الفقي في حوار مع الاعلامي الجريء عمرو اديب فى القاهرة اليوم أن مبارك قال له في احدى المرات: تعالى اقعد مكاني ..
قال الفقي : طلبت الرئيس مبارك فى التليفون وقلت لة يافندم أحنا رايحين بكرة مجلس الشعب و الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس وقتها بيقول خطبة فى الاول رائعة جدا ولة لغة رفيعة ذلك الذى فية يمترون وبة يشككون لغتة على سياق القرأن وهو رجا أديب هايل .
وقلت لة بيلتزم فيها بمصر الناصرية بالفكرة القومية وبالعدالة الاجتماعية وأطروحاتة وتيجى ساعدتك بعدية تتكلم عن القطاع الخاص والانفتاح وقوانين السوق بشوف ان فى كونترادكشن فى تعاون ..
عمرو اديب قال لة طبعا نكد عليك ؟ قال مصطفى الفقى أنة قال لى طيب وأنت مالك .. الفقى .. الله ها ندب بقا قلت ياد شوف يا مصطفى ..
ردعمرو اديب وقال وبصراحة دى غلطة منك .. الفقى لعمرو اديب استنى أنا عاوز أقول لة أية قلت لة يافندم دى ذى خطبة العرش .. عمرو اديب حد يعمل كدة .. الفقى لما حسن صبرى باشا قال الخطبة حكيت لة بقا ومات الملك كان بيبقى قاعد ودى الخطبة لأن دى مناسبة الملك .. رد عمرو اديب كدة انت بوظتها أكتر .
قال لى لأ .. قلت لة أنا باقترح لو سيادتك تبعث الدكتور اسامة الباز أو الدكتور زكريا عزمى لة يقول لة الخطبة لاتزيد عن أربع دقائق وتبقى مقدمة ومش تبقى قمتمنس الا اللى متفق علية معاك علشان مش يلاقى خطبة رئيس مجلس الشعب غير خطبة رئيس الدولة .. وكان ضميرى بيوجعنى برضة .. لأنى حاسس إن رفعت المحجوب دة أستاذى وصاحب الفضل عليا .. بس ضميرى بيقول قول الكلمتين دول .
قال لى لا ما هما بيقولو لى اسامة الباز ومصطفى الفقى بيحكموا مصر ما تيجى تقعد مكانى ..مصطفى الفقى قلت ها نقعد ندب بقا , راح قفل السكة .. دقيقتين الكرسى سخن من تحتى وبقيت محرج أوى دقيقتين والتليفون ورررر ..
وقال لى أيوة يامفتى تروح لة أنت وتقول الخطبة ومش تزيد على اربع دقائق ذى خطبة العرش زمان .. ياعنى كان هو بيقعد يقلب الفكرة وطول النهار يقعد يشخط فيا ويقتنع لأن أنا بقول لة أخبار مؤلمة ساعات كان يقولوا لى مفيش ولا خبر كويس ..لأ مفيش ولا خبر كويس ..
رد عمرو اديب دى أسوأ حاجة انك تدخل على الرئيس بأخبار وحشة .. مصطفى الفقى متعودين ديما يقولوا لة لوزى بيكتشر , يافندم الناس مبسوطة والحالة عال .
سأل مصطفى شردى مين كان بيقول لة ديما أن الحالة لوزى بيكتشر مين كان ديما بيجى للرئيس كدة ؟
الفقى خلى بالك أن الدكتور اسامة الباز كان ديما يركز على الجزء الخارجى العلاقات الخارجية ويكتب الرسائل والخطب أنا كتبت لة بعض الخطب .
شردى : مين كان بيقول لة الدنيا وردى مين كان بيجى يقول لة دة ؟
الفقى : أظن مسئولين من خارج الرئاسة .. وساعات كانوا بيقولوا متقلوش لة اخبار تدايقة , ياعنى انا لما صحيتة علشان أبلغة بحرب الخليج قاموا عليا فى الرئاسة الراجل كان ممكن يجى لة ساكتة قلبية ياأخى .. الذاى تصحية الساعة الثالثة ليلا وتقول لة ؟ قلت لهم الله أما من اللى هايقول لة !
انا لما قلت لة الامير سعود الفيصل طلبة بعدها بنصف ساعة .. لو مقلتش لة كان بقى منظرى مضحك جدا .
تانى يوم قلت لة يافندم بيقولولى انة ماكنش يصح أنى أصحى ساعدتك وأصحى السيد علاء أو جمال وأبلغة ويصحيك على مهلة ..
قال لى ياعنى لما بلد خرجت من التاريخ من الجغرفيا ودخلت التاريخ كان لازم تصحينى ..
الفقى لعمرو اديب ومصطفى شردى ماترجعونا للرؤساء الجدد هترجعونا للذكريات دى لية .
الاتحاد المصري لحقوق الإنسان يرفض قانون دور العبادة ويصفه بـ"الغامض"
![]() |
| رئيس الأتحاد المصرى لحقوق الإنسان |
يوسف شعبان - الدستور
انتقدت منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الانسان، مشروع قانون دور العبادة الموحد، الذى يعتزم مجلس الوزراء الاعلان عنه قريبا. ووصفته بالقانون "الغامض".
وأكدت المنظمة، المهتمة بمتابعة الشأن الكنسي، يعطى لرئيس الجمهورية، حق اصدار تراخيص بناء دور العبادة، حال رفض وزير التنمية المحلية ، وفق ماهو وارد فى المادة "6 " من المشروع.
وأضافت المنظمة فى بيان لها، أن مشروع القانون يمنع اقامة دور العبادة على اى مكان سكنى يكون قد تم ازالته. وقالت :" هناك مناطق مكتظة بالسكان ولا توجد بها مساحات خالية، ولا يجوز التقدم بطلب كنيسة عليها، حال خلو اى مساحات، وفى هذا تضييق على عملية بناء دور العبادة".
ولفتت المنظمة الى ان مشروع القانون حدد دور العبادة بالنسبة للمسيحيين بعبارة "بناء كنيسة". دون أن يحدد المقصود منها، هل كنيسة أرثوذكسية أم إنجيلية أم كاثوليكية وما هى الطائفة التى تتبعها هذه الكنيسة، علما بانه فى مصر يوجد سبعة عشرة طائفة مسيحية معتمدة.
وقالت المظمة :" لقد "عقد" القانون الأمور وفرق بين الحصول على ترخيص لبناء كنيسة والحصول على ترخيص لاقامة الشعائر الدينية، وفرق بين الحالتين، ورتب عقوبة تصل الى 3 سنوات فى حالة عدم الحصول على ترخيص بالشعائر الدينية، ومعنى ذلك، أن يظل البناء مغلق لسنوات دون الحصول على ترخيص بأقامة الشعائر" . متسائلا عن الجهة المختصة بأعطاء ترخيص بأقامة الشعائر؟
وأضافت، لقد أوجد هذا التشريع فراغا قانونيا، فى مسألة المختص بأصدار ترخيص ببناء كنيسة، وذلك فى حالة إلغاء مسمى وزير التنمية المحلية. وقالت :" إن القانون قصر سلطة اصدار الموافقة بترخيص بناء كنيسة على وزير التنمية المحلية بعد أخذ رأى المحافظ، أى أنه سلطته استشارية فقط .
بالفيديو جمال مبارك يكوش على كتابة خطب
البشاير ـ
باعتباره كان واحدا من المقربين للرئيس المخلوع حسني مبارك قال مصطفى الفقي سكرتير الرئيس السابق للمعلومات أن جمال مبارك في السنوات الأخيرة استحوذ على كتابة خطابات والده الرئيس ..
وكلام الفقي يتفق مع ما قيل من ان جمال هو الذي كتب خطبة التنحي لوالده في فبراير الماضي ..
استضاف المذيع اللامع عمرو اديب والكاتب الصحفى مصطفى شردى الدكتور مصطفى الفقى فى برنامج القاهرة اليوم وتناول تفاصيل مثيرة عن مبارك ومين كان بيكتب خطبه.
قال الدكتور مصطفى الفقى .. أسامة الباز أساسا فى الاول .. وأنا كتبت لة كذا خطبة , شاف ان لغتى زايدة شوية متشددة قوية شوية اللغة ياعنى فصاحة .. مكرم كتب لة شوية مكرم محمد أحمد .
وبعدين أ بعد كدة بدأ يعتمد على مكتبة مباشرة , لكن لما جة جيل جمال مبارك بقى هما اللى بدأوا يكتبوا لة مجموعات من عند جمال وهو يراجع .
شردى : تعتقد مين كتب لة أخر خطاب ؟ أنا سمعت أن جمال مبارك تدخل فى هذا الخطاب كثيرا وبالمناسبة هو أسوأ خطبة على الاطلاق .. مفيش حد فى الدنيا تبقى الناس مستنياة علشان هيقول حاجة معينة .
يطلع يقول سوف أفعل , وسوف أخلى وأقسمت وشهداؤكم ويجى فى الاخر يقول رأيت أن أفوض نائب للرئيس .
باعتباره كان واحدا من المقربين للرئيس المخلوع حسني مبارك قال مصطفى الفقي سكرتير الرئيس السابق للمعلومات أن جمال مبارك في السنوات الأخيرة استحوذ على كتابة خطابات والده الرئيس ..
وكلام الفقي يتفق مع ما قيل من ان جمال هو الذي كتب خطبة التنحي لوالده في فبراير الماضي ..
استضاف المذيع اللامع عمرو اديب والكاتب الصحفى مصطفى شردى الدكتور مصطفى الفقى فى برنامج القاهرة اليوم وتناول تفاصيل مثيرة عن مبارك ومين كان بيكتب خطبه.
قال الدكتور مصطفى الفقى .. أسامة الباز أساسا فى الاول .. وأنا كتبت لة كذا خطبة , شاف ان لغتى زايدة شوية متشددة قوية شوية اللغة ياعنى فصاحة .. مكرم كتب لة شوية مكرم محمد أحمد .
وبعدين أ بعد كدة بدأ يعتمد على مكتبة مباشرة , لكن لما جة جيل جمال مبارك بقى هما اللى بدأوا يكتبوا لة مجموعات من عند جمال وهو يراجع .
شردى : تعتقد مين كتب لة أخر خطاب ؟ أنا سمعت أن جمال مبارك تدخل فى هذا الخطاب كثيرا وبالمناسبة هو أسوأ خطبة على الاطلاق .. مفيش حد فى الدنيا تبقى الناس مستنياة علشان هيقول حاجة معينة .
يطلع يقول سوف أفعل , وسوف أخلى وأقسمت وشهداؤكم ويجى فى الاخر يقول رأيت أن أفوض نائب للرئيس .
الوفد تنشر انقسام فى صالونات الحلاقة تجاه مليونية إطلاق اللحى
![]() |
رصدت بوابة الوفد الإلكترونية، ردود أفعال وآراء بعض من يهمهم الأمر، من أصحاب صالونات الحلاقة والمواطنين من الرجال بعد الدعوات التى انتشرت على الفيس بوك داعية إلى إطلاق مليون لحية، حيث تباينت ما بين مؤيد ومعارض للدعوة .فى البداية قال حازم إبراهيم طه بكالويوس تجارة، وصاحب إحدى صالونات الحلاقة الرجالى: إن إطلاق اللحى هو أمر معتاد باعتبار مصر دولة إسلامية تتبع السنة، التى تحث على إطلاق اللُحى وحف الشوارب مشيرا فى الوقت نفسه إلى الفوائد الصحية من إطلاق اللحى التى تحمى من الإصابة عدوى فيروس سى بين الزبائن، إلا أنه أشار فى الوقت نفسه أنه فى حالة انتشار هذه الدعوة بين الشباب فإن عمله سيتأثر حيث سيقل إقبال الشباب على حلق لُحاهم وسيقتصر الأمر على قص الشعر والشوارب.
أما محمود ياسين ويعمل فى أحد محلات الحلاقة فقد استهل رده بمزحة ربط فيها بين مليونية إطلاق الُلحى ومليونيات ميدان التحرير، منتقدا إطلاق مثل هذه الدعوات بين السلفيين، مشيرا إلى أنه لم يلحظ تداولا لمثل هذه الدعوات حتى الآن بين زبائنه، وفى حالة انتشار مثل هذه الدعوات بين الشباب رد محمود قائلا: "هنعمل إيه بقى هنقفل ونرّوح".
أما "عبد الله " ويعمل كوافير رجالى فيرى أن إطلاق الُلحى هو أمر مرتبط بالحرية الشخصية ،رافضا ربطه بفئة من الفئات كالسلفيين أو الإخوان المسلمين، ويشجع عبد الله على عدم حلاقة الُلحى بشكل عام فى أى من صالونات التجميل لما لذلك من أضرار صحية، ويتفق معه " رجب " وهو كوافيرأيضاً حيث يؤيد دعوات إطلاق اللُحى بغض النظر عن شخص من يدعو إليها حتى من غير المسلمين، مشيرا إلى أن الأمور المتعلقة بالمظهر هى أمور قاصرة على علاقة الفرد بربه بعيدا عن أى تدخلات، لافتا إلى عدم تأثيرها على عمله فى حالة انتشارها.
أما فؤاد أبو الغيط ويعمل مدير إحدى الشركات، فيرى أن إطلاق مثل هذه الدعوات تهدف فى باطنها إلى حشد التكتلات بالشكل، بينما إطلاق الُلحى لابد أن ينبع عن اقتناع، وهو أمر لا يؤثر على الشخصيات بالسلب أو بالإيجاب، ويشعر أبو الغيط بهامشية مثل هذه الدعوات التى لا تتناسب مع أولويات احتياجات الوطن خاصة بعد 25 يناير، حيث الأولوية لبناء الداخل قبل المظهر الخارجى.
الوفد
المدرب الماهر (قصة )
![]() |
| صورة توضيحية |
كان هناك رجل شيخ متقدم في السن يشتكي من الألم والاجهاد في نهاية كل يوم فسأله صديق :(لماذا كل هذا الألم الذي تشكو منه؟ )
عالمنا هو محطة للمسافرين.
عالمنا هو محطة للمسافرين.
غريب أنت في هذه الحياة : أنت حقاً مسيحي إن عرفت أنك غريب في بيتك ووطنك . لأن وطنك فوق ولست فيه ضيفاً عابراً ، أما هنا في بيتك هذا ، فأنت ضيف وألا لما غادرته.
ضرورة البحث عن السعادة خارجاً عن الأرض.
![]() |
| صورة معبرة عن السعادة |
ضرورة البحث عن السعادة خارجاً عن الأرض.
إن أردت أن تحيا سعيداً فزد حباً لما يعد الله به أكثر ما يعد به العالم ؛ ليكن خوفُك مما يحذر الله منه أكبر مما يحذر العالم منه.
اللذين يعاينون الله
هذه الآية تتميَّز بسرِّية أكثر من بقية تطويبات عظة المسيح على الجبل، إلاَّ أنها تبدو متناقضة مع قول الرب لموسى: "لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر 33: 20). وحتى إنجيل يوحنا يقول: "الله لم يَرَه أحدٌ قط" (يو 1: 18)، ويقول القديس يوحنا في رسالته الأولى: "الله لم ينظره أحدٌ قط. إن أحب بعضنا بعضاً، فالله يثبت فينا، ومحبته قد تكمَّلت فينا" (1يو 4: 12). والرسول بولس يقول: "الذي وحده له عدم الموت، ساكناً في نور لا يُدنَى منه، الذي لم يَرَه أحدٌ من الناس ولا يقدر أن يراه" (1تي 6: 16). فكيف، إذن، يمكن تفسير "... لأنهم يُعاينون الله"؟
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن هذه الآية:
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن هذه الآية:
[يُطلق الرب صفة "أنقياء" على الذين بلغوا كل فضيلة ولا يوجد في نيتهم أي شر، أو الذين يعيشون في اعتدال وضبط نفس، لأنه لا يوجد ما نحتاجه كثيراً لكي نرى الله أكثر من هذه الفضيلة الأخيرة. ولذلك قال الرسول: "اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب 12: 4)، فهو يتكلَّم هنا عن بصيرة يمكن أن يقتنيها الإنسان.](1)
وقد يفهم البعض هذه الآية على أنها تخص ملكوت المسيح الآتي، ولكن العديد من الآباء يرون أن لها معنىً مزدوجاً: الأول: أُخروي، والثاني: يشير إلى الحاضر. ولكن هذا المعنى الثاني قد يُخالف بعض الآيات التي تشير إلى رؤية الله في الدهر الآتي. فمثلاً يقول الرسول يوحنا: "الآن نحن أولاد الله، ولم يُظْهَر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أُظهِر نكون مثله، لأننا سنراه كما هو." (1يو 3: 2)
ولكننا نجد في العهد القديم أمثلة لِمَن رأوا الله في هيئةٍ ما، فقد قال إشعياء النبي: "ويلٌ لي إني هلكتُ، لأني إنسان نجس الشفتين... لأن عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود" (إش 6: 5). وتُفسَّر هذه الظهورات عادةً بأن الله يكشف ذاته في هيئة محسوسة، بينما يُخفي جوهره الحقيقي غير القابل للإدراك بالحواس، ولا حتى بالتصوُّر الذهني. بهذا المفهوم يمكننا أن نشرح كيف أمكن أن الله صارَع مع يعقوب (تك 32)، ثم "دعا يعقوب اسم المكان "فنيئيل" (أي وجه الله)، قائلاً: لأني نظرتُ الله وجهاً لوجه، ونُجِّيـَت نفسي" (تك 32: 30)، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان يعقوب صارَع مع الله أم مع ملاك. وهناك مثال آخر، هو عندما رأى منوح وزوجته ملاك الرب وقال: "نموت موتاً، لأننا قد رأينا الله." (قض 13: 22)
هل يمكننا أن ننقِّي قلوبنا ونرى الله؟
ما معنى أن يكون الإنسان نقي القلب؟ الكلمة اليونانية kaqar?j تحمل معنى النقاوة من النجاسة أي العفة، وهذا في الحقيقة هو عمل الله كما يقول المزمور: "قلباً نقياً اخلقه فيَّ يا الله" (مز 51: 10)، كما أنه يتوقَّف على جهادنا معه في الصلاة، فهو ينتج عن عمل مشترك، أي synergetic، بين الله والإنسان. كما أن حصيلته النهائية هي أن يكون القلب موحَّد الهدف نحو الله وإرضائه. فعندما تكون بصيرة النفس لها اتجاه واحد نحو الله يمكنها أن ترى الأمور كما هي عليه، أي على الحالة التي خلقها الله فيها، وهذه هي حالة نقاوة القلب. وعندما نرى الأمور كما هي نرى الله ذاته، ولكن ليس في جوهره بل في صورته التي ختمها في الخليقة كلها، وبصفة خاصة وبأكثر كمال، في الإنسان. فبجهادنا وبواسطة نعمة الله تتغيَّر رؤيتنا.
والقديس أوغسطينوس يرى أن رؤية الله هي بالقلب غير المنقسم، فيقول:
[كم هم أغبياء، أولئك الذين يبحثون عن الله بتلك العيون الخارجية طالما أنه يُرَى بالقلب! كما هو مكتوب: "تَفكَّر في الرب بقلبٍ صالح، وببساطة القلب ابحث عنه" (الحكمة 1: 1 من أسفار الترجمة السبعينية). فالقلب النقي يكون موحَّداً (أي غير منقسم ويهدف إلى تحقيق مشيئة الله وحدها). وكما أن هذا النور (المحسوس) لا يمكن أن يُرَى إلاَّ بعيون نقية؛ هكذا فإن الله لا يُرَى إلاَّ إذا كان ما يمكن أن يُرَى به (أي القلب) نقياً.](2)
تظل تعاليم آبائنا ثابتة: وهي أن الله في جوهره يفوق طاقة رؤيتنا، إذ كيف يمكن لنظرنا المحدود أن يحوي في رؤيته غير المحدود؟ ومع ذلك فقد أمكن للإنسان أن يراه عندما تجسَّد، وعندما يتكلَّم الآباء عن رؤية الله أو معرفته، فهم يفرِّقون بين جوهر الله وقدرته الفعَّالة. والظهورات الإلهية غير معتادة للبشر، وليست هي المقصودة بهذه الآية: "طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يُعاينون الله" (مت 5: 8). وإذا كان المعيار هو نقاوة القلب، فما معنى ذلك؟ وكيف نبلغ إلى هذه النقاوة؟ وهل هذه النقاوة متاحة لجميع المسيحيين أم فقط للنسَّاك والرهبان والمتوحِّدين؟
مهما كانت المصاعب ومعوِّقات تنفيذ هذه الآية في هذه الأيام، فهي ليست مستحيلة، لأن كلام المسيح حي ويصلح لكل زمان ومكان، فيقول القديس غريغوريوس النيسي:
[إن الله لا يطلب من الذين لم يُزوَّدوا بأجنحة أن يصيروا طيوراً، ولا هو يأمر مخلوقات أعدَّها لتعيش على الأرض أن تعيش في الماء. فناموس الله متناسب مع قدرات الذين يقبلونه، ولا يُفرَض شيء بالقوة مما هو فوق الطبيعة. فيمكن رؤية ذاك الذي صنع كل شيء بحكمة (مز 104: 24) عن طريق الاستدلال بواسطة الحكمة الظاهرة في الكون، وذلك كما يُدرك المرء صانع العمل الفني، لأنه ترك بصمته على عمله؛ هكذا فإننا عندما ننظر إلى نظام الخليقة نكوِّن في ذهننا صورة (أو أيقونة) ليس لجوهر الخالق، بل لحكمة ذاك الذي خلق كل الأشياء بحكمة].
كما أنه يقول:
[طالما أن المعاينة صارت معتمدة على نقاوة القلب، فإن عقلي يزداد تشويشاً حيث إنه ربما يستحيل تحقيق نقاوة القلب، لأنها تفوق طبيعتنا. فما الذي نربحه من معرفة كيف نُعاين الله إن كنا نجد ذلك مستحيلاً؟ إن الرسول بولس يقول: "ما أبعد... طرقه عن الاستقصاء" (رو 11: 33)، وهو يقصد بذلك أن الطريق الذي يقود إلى معرفة الجوهر يتعذَّر على الفكر أن يبلغه... ومن جهة أخرى، فإن الله لا يُرَى بطبيعته، ولكنه يصير مرئياً في قدراته، لأنه يمكن التأمُّل في الأشياء التي تُنسَب إليه].
ويُشبِّه القديس غريغوريوس النيسي تنقية القلب بتنقية الحديد من الصدأ، فيقول:
[إذا أُزيل الصدأ من الحديد بحجر الشحذ، فإنه بعد أن كان أسود اللون نجده يشعُّ ويتلألأ في أشعة الشمس؛ هكذا أيضاً مع الإنسان الداخلي الذي يُسميه الرب "القلب"، فعندما يُنزع منه الوحل المشابه للصدأ الذي أوجدته الرطوبة الفاسدة، فإنه يستعيد هيئته الأصلية مرةً أخرى ويُصبح صالحاً].
وهو يستعمل مثالاً آخر في قوله:
[رغم أن الناس الذين يرون الشمس في مرآة لا يشخصون في السماء، إلاَّ أنهم يرون الشمس منعكسة في المرآة ليس بأقل مما إذا تطلَّعوا إليها في الفَلَك. وهكذا الحال أيضاً معكم، فرغم أنكم أضعف من أن تدركوا النور الإلهي، ولكنكم إذا رجعتم إلى نعمة الصورة التي تشكَّلتم عليها منذ البدء يتحقَّق لكم كل ما تطلبونه في داخلكم، لأن اللاهوت إنما هو طهارة وحرية من الأوجاع وخلو من كل شر. فإن كانت هذه الأمور فيكم يكون الله بالتأكيد فيكم، وتصبحون قادرين أن تُعاينوا ما هو غير منظور عند غير الأنقياء. فالظلمة التي تسبِّبها الماديات تكون قد أُزيلت من عيون نفوسكم، وبذلك تُعاينون الرؤية المشعة المباركة في سماء قلوبكم النقية. ولكن ما هي هذه الرؤية؟ إنها النقاوة والقداسة والبساطة والانعكاسات الأخرى المنيرة للطبيعة الإلهية التي يكون الله فيها موضع تأمُّل].
"ها ملكوت الله داخلكم":
الإنسان يعرف الله بمعرفته لنفسه، وبدخوله إلى أعماق نفسه يرى الله منعكساً في نقاوة قلبه، هكذا يقول مار إسحق السرياني:
[إن كنتَ نقياً، فالسماء تكون بداخلك، ففي داخل نفسك سترى الملائكة ورب الملائكة.](3)
جوهر الله يظل "ساكناً في نور لا يُدنَى منه"، أما قدراته فهي واضحة أمامنا، وهو بواسطة هذه القدرات يتصل بالإنسان بحبه المتدفِّق. ومن خلال أعماله يمكننا أن نعرفه ونراه ليس في قداسته الفائقة؛ بل في ظهوراته التي يستعلنها لنا، وذلك كما أن العمل الفني يُخبرنا بشيء عن الفنان، ولكنه لا يسمح لنا أن نعرف شيئاً عن جوهر حياته الشخصية الداخلية.
وينبغي أن توصف نقاوة القلب التي تؤدِّي إلى مُعاينة الله بأنها يمكن البلوغ إليها على درجات بقدر ما تتنقَّى قلوبنا، وذلك بدلاً من أن توصف بأنها أمر قد يوجد لدى المرء أو لا يوجد. ولكننا يلزم أن نفهم أن إمكانية رؤية الله في حياتنا اليومية إنما هي عطية نحصل عليها بالجهاد. وإذا علمنا أن القلب هو محور ومركز كياننا، فإنه من خلال تنقية قلوبنا تتغيَّر رؤيتنا الداخلية.
هنا يقول القديس غريغوريوس النيسي:
[لا أظن أنه إذا تطهَّرت عينا نفس المرء يكون موعوداً برؤية مباشرة لله، ولكن ربما توحي الآية: "طوبى للأنقياء القلب..." بما يُعبِّر عنه الرب بوضوح أكثر عندما قال: "ها ملكوت الله داخلكم" (لو 17: 21). بذلك ينبغي أن نتعلَّم أنه إذا تنقَّى قلب إنسان من كل خليقة وكل مشاعر جامحة، يُعاين صورة (أو أيقونة) الطبيعة الإلهية في جماله الباطني... توجد فيكم، أيها البشر، رغبة في التأمُّل في الصلاح الحقيقي. ولكن عندما تسمعون أن الجلال الإلهي يعلو فوق السموات، وأن مجده لا يُعبَّر عنه، وأن جماله يفوق الوصف، وأن طبيعته لا يُدنَى منها، فلا تيأسوا من مُعاينة ما ترغبون. فيُمكنكم أن تبلغوا إليه إذ أنكم تملكون في داخلكم المعيار الذي به تدركون اللاهوت. لأن الذي خلقكم وهب لطبيعتكم في نفس الوقت هذه الخاصية العجيبة، لأن الله طبع عليها شبه أمجاد طبيعته، وكأنه يُشكِّل من الشيء المنحوت شمعاً. ولكن الشر المنسكب حول الطبيعة التي تحمل الصورة الإلهية جعلت هذا الأمر العجيب بلا نفع لك، إذ قد صار مُخْفَى خلف أحجبة رديئة. إذن، فإذا نظفتَ الظلمة التي علقت بقلبك، مثل اللزقة، بحياة صالحة؛ فإن الجمال الإلهي يشرق فيك مرةً أخرى].
مجد الله يظهر في الخليقة كلها، ولكن يمكننا أن نرى الخليقة كما هي بواسطة تطهير قلوبنا فقط حيث إن الخليقة تعكس صورة الله. وفي بعض الناس، ولا سيما القديسين، نرى أيضاً شبه الله. فالنقي القلب يرى في المخلوقات لا صورة الله فحسب، بل يرى في الإنسان أيضاً شبه الله بدرجات أكثر أو أقل. والأنقياء القلب يُعاينون الله في كل مكان: في ذواتهم، في الآخرين، في كل واحد وكل شيء، إنهم يدركون أن: "السموات تُحدِّث بمجد الله، والفلك يُخبر بعمل يديه." (مز 19: 1)
وفي نفس الوقت يمكننا بتنقية القلب وبواسطة نعمة الله أن ننمو في شبه الله. النقي القلب يرى ما وراء ضعف الجنس البشري وميوله الخاطئة، ويلمح في الآخرين الصورة الإلهية التي تشوَّهت بالخطية، وهذا ما يجعل الإنسان لا يدين أحداً ولا يحقد على أحد حيث إن أخطاء الإنسان ليست منه بل من الشيطان. أما بخصوص مُعاينة الله، فنحن لا نشير إلى خبرة عميقة في رؤية النور الإلهي كما حدث مع بعض القديسين؛ ولكن ذلك يكون في الواقع عبارة عن اكتساب العين الداخلية لإمكانية رؤية الله من خلال بصمته وصورته في الخليقة كلها. وهذه الرؤية متدرِّجة ولا تأتي عادةً مفاجئة. ونحن كمسيحيين نُعِدُّ قلوبنا بالتنقية، ولكننا يجب أن ننتظر أولاً أن يفتح الله عيوننا أو بصيرتنا لأطول وقت يختاره هو.
في التجلِّي منح الرب لتلاميذه قوة رؤية مجده:
ولدينا مثال هام في تجلِّي ربنا الذي فسَّره الآباء أنه حدث لأن عيون تلاميذه قد انفتحت، وليس كأن الرب تغيَّرت هيئته بصورة مؤقتة. إن هيئته إلهية منذ الأزل، ولكنه عندما تجلَّى على الجبل منح لبصيرة تلاميذه قوة إلهية مكَّنتهم من رؤيته كما هو! لقد كشف لهم مجده لكي يروا ما هو مُخْفَى خلف جسده الذي اتخذه بتجسُّده. إننا نرى هنا عملاً مشتركاً synergetic. فالتلاميذ خلعوا ميولهم الجسدية، والروح القدس منحهم تغييراً ونعمةً أمكنهم بهما أن يُعاينوا الرب الممجَّد. إنها مجهودات المؤمن مُكمَّلة بعمل الروح القدس.
لا ينبغي أن نشتاق لرؤية الله بهذه الطريقة:
لقد قرأنا عما حدث للأخ "موتوفيلوف" مع القديس سيرافيم ساروفسكي، إذ أنه رأى وجه القديس سيرافيم مُشعاً كالشمس، ثم اكتشف بعد ذلك أنه هو أيضاً قد تجلَّى(4). ونحن نرى في مثال الأخ "موتوفيلوف" أن عيني هذا العلماني قد انفتحت لتلك الرؤية، ولكننا لا نعرف ما إذا كانت هذه الخبرة قد تكررت مرةً أخرى أم لا. وسبب الرغبة في رؤية الله بمثل هذه الطريقة لا ينبغي أن تنشأ من رغبتنا في أن تتحقَّق لنا خبرة روحية. فإذا اشتقنا إلى ذلك نكون معرَّضين للخداع، إذ يجب أن يكون اشتياقنا هو إلى معرفة الله، وأن نصير إلى ما خلقنا هو عليه. ولتحقيق ذلك يجب أن نتوقَّع أن تكون عيوننا الداخلية مفتوحة ولو لفترة قصيرة لنرى الخليقة كما هي عليه بالفعل؛ بل وأيضاً قد نكتشف ونتحقَّق من قول الرب لنا: "ها ملكوت الله داخلكم" (لو 17: 21) إن كنا نرى من خلال عيون لم يعْمِها أي زيف أو خطية.
وهكذا نرى أن نقاوة القلب هي نتاج عمل مشترك بين الله والإنسان، فلا يمكن أن يهب الله القلبَ النقي للإنسان وهو متكاسل في جهاده وناقض لوصايا الرب؛ ولا يمكن لسعي الإنسان وجهاده فقط أن يُنقِّي قلبه بدون نعمة الله. فالله "يخلق القلب النقي" (راجع مز 51: 10)، والإنسان عليه أن "يتبع القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (راجع عب 12: 14). أما المحصلة النهائية لنقاوة القلب فهي أن يكون قلباً موحَّداً غير منقسمٍ على ذاته، هدفه هو معاينة الله والشركة معه، وغايته هو إرضاء الله.
(1) شرح إنجيل متى 5: 18.
(2) شرح العظة على الجبل: NPNF, 1st Series, Vol. VI, p. 5.
(3) The Ascetic Homilies, Homily 15, p. 84.
(4) عن كتاب: The Acquisition of the Holy Spirit: A Conversation of St. Seraphim of Sarov and N. A. Motovilov
(2) شرح العظة على الجبل: NPNF, 1st Series, Vol. VI, p. 5.
(3) The Ascetic Homilies, Homily 15, p. 84.
(4) عن كتاب: The Acquisition of the Holy Spirit: A Conversation of St. Seraphim of Sarov and N. A. Motovilov
أنت مدعو إلى فوق رغم التجارب
![]() |
| صورة تخيلية لملكوت السموات |
"الأشخاص الروحانيون يتعرضون لتجارب وشدائد مصدرها الخطيئة الأولى"
خُلقنا في حالة البراءة ـ الشر نتج من حرية الإرادة :
1ـ كل الجواهر الروحانية، أى الملائكة والنفوس البشرية والشياطين، كل هؤلاء قد خلقهم الخالق في حالة البراءة والبساطة التامة. أما كون البعض منهم قد تحولوا إلى الشر فهذا ناتج من حرية إرادتهم. فباختيارهم حادوا عن طريق التفكير السليم. فإذا قلنا أن الله خلقهم هكذا أشرارًا، فإننا بذلك نجعل الله قاضيا ظالما بإرسال الشيطان إلى النار. إن بعض الهراطقة قد قالوا أن المادة أزلية أى ليس لها بداية، وأن المادة هي أصل كل الأشياء. وأن هذا الأصل هو القوة، وهي قوة كافية بذاتها. وهذا الكلام نجيب عليه قائلين: "أية قوة إذن هي القوة الغالبة؟. هي بالتأكيد قوة الله، إذن فالمغلوب ليس معادلا للغالب لا في القوة ولا في الزمن". وأولئك الذين يقولون أن الشر هو جوهر حقيقي، لا يعرفون شيئًا. فبالنسبة إلى الله ليس هناك شر جوهري وذلك لأن الله حسب طبيعته الإلهية غير قابل للشهوات والأهواء ، أما نحن فإن الشر يعمل فينا بقوة كاملة ويجعل نفسه محسوسًا ويوحي بكل الشهوات الرديئة ولكن الشر ليس مختلطًا بنا، كاختلاط الخمر بالماء كما يقول البعض، ولكنه مثل الزوان مع القمح فالقمح وحده والزوان وحده، رغم أنهما موجودان في نفس الحقل، كما أنه في بيت واحد قد يوجد اللص في جزء منه، ورب البيت في جزء آخر.
اختلاط الخطية بالنفس :
2ـ إن ينبوع الماء ينبع ماءًا صافيًا رغم أنه يوجد طين أسفل الينبوع تحت الماء. فلو أن أحدًا حرك الطين، فإن الينبوع كله يتعكر. وهكذا النفس حينما تثار فإنها تتنجس وتختلط بالشر، ويصير الشيطان واحدا مع النفس، كروحين متفقين، في فعل الزنا أو في القتل. لهذا السبب " فالذي يلتصق بزانية هو جسد واحد" (1كو16:6) ولكن في لحظة أخرى تكون النفس قائمة بذاتها، تائبة عما فعلته من خطية، وتبكى وتصلى وتتذكر الله، لأنه لو كانت النفس غارقة دائما في الشر فكيف يمكنها أن تفعل ذلك؟ إذ أن الشيطان لا يريد أبدا أن يقبل الناس إلى التوبة. لأنه خال من كل رحمة أو شفقة.
شركة الروح القدس مع النفس :
والزوجة باتفاقها مع زوجها تصير واحدا معه ، ولكنهما في لحظة أخرى يفترقان، لأنه قد يحدث أن أحدهما يموت والآخر يعيش. وعلى مثال هذه الشركة تكون شركة الروح القدس مع النفس. فيصيران روحًا واحدًا " لأن من التصق بالرب فهو روح واحد" (1كو17:6) وهذا الأمر يحدث عندما يمتلئ الإنسان بالنعمة فتحيطه من كل ناحية.
3ـ ولكن يوجد البعض من الذين حصلوا على تذوق الله، ولكنهم لا يزالون خاضعين لتأثير العدو، وهم يستغربون بسبب نقص خبرتهم، أنه بعد افتقاد الله لهم بالنعمة فإنهم لا يزالون معرضين للتشكيك في أسرار الإيمان المسيحي. وأما أولئك الذين نضجوا فلا يستغربون هذا الأمر. وكما أن الفلاحين المهرة بسبب طول الخبرة، فإنهم في زمن الرخاء لا يزال عندهم حذر وحرص، وينظرون إلى أوقات القحط والغلاء، ومن الجهة الأخرى فحينما تأتى أوقات الغلاء والقحط فإنهم لا يتضجرون وييأسون لأنهم يتوقعون تغير الحال إلى الأفضل في المستقبل، وهكذا هو الحال في الأمور الروحية حينما " تقع النفس في تجارب متنوعة" (يع2:1). فحينما تقع النفس في تجارب متنوعة، فهي لا تعتبره أمرًا غريبًا من ناحية، ومن الناحية الأخرى لا تيأس لأنها تعلم أن التجارب تأتى بسماح لأجل امتحانها وتهذيبها بالشر الذي يقابلها.
ومن الناحية الأخرى فحينما تكون في غنى كثير واطمئنان فإنها لا تتخلى عن اليقظة والحذر، بل تضع في اعتبارها احتمالات تغير الحال في المستقبل.
إن الشمس التي هي جسم مخلوق، تضئ في الأماكن ذات الرائحة الرديئة، حيث يوجد الوحل والقاذورات، دون أن تصاب الشمس بأى أذى أو نجاسة، فكم بالحرى جدا يحتفظ الروح القدس النقى بشركته مع النفس، حينما تكون تحت تأثير من الشرير، دون أن يصبه (أى الروح القدس) أى شيء من هذا الشر. "والنور يضئ في الظلمة والظلمة لا تدركه" (يو5:1).
الرجاء الثابت وعدم اليأس :
4ـ لذلك فحينما يكون الإنسان في عمق (الروح)، وهو غنى بالنعمة، لا يزال فيه بقية من الشر موجودة معه. ولكن يوجد له معين قريب منه ليسعفه ويعينه. لذلك فحينما يكون الإنسان في الشدائد وتثور عليه موجات عظيمة من الأهواء فلا ينبغي أن ييأس، لأن اليأس يجعل الخطية تزدهر وتجد فرصة أكثر للتملك على الإنسان. ولكن حينما يكون للإنسان رجاء مستمر ثابت في الله، فإن الخطية تتناقص وتذوى وتجف.
إن الشلل والتشوهات، والحمى أو الأمراض، هذه كلها ناتجة عن الخطية. لأن الخطية هي أصل كل الشرور، وكل الشهوات الناتجة عن أهواء النفس أو من أفكار الشر، إنما ترجع كلها إلى الخطية. فإن كان هناك نبع ماء جارى ـ وتحيط به مستنقعات وأراض رطبة موحلة، ومع ذلك فحينما يأتي عليه الحر، فإن النبع وما يحيط به من أراض ـ يجف تمامًا، هكذا الحال مع عبيد الله الذين تفيض فيهم النعمة وتزداد، فإن هذه النعمة تجفف الشهوة سواء كانت من العدو الشرير، أو من الطبيعة (طبيعتهم البشرية)، فإن رجال الله الآن، أعظم من آدم الأول.
الله في كل مكان :
5 ـ إن الله غير محدود وغير مدرك وهو يُظهر نفسه في كل مكان، في الجبال، وفي البحر، وفي الأعماق، ولكن بدون أن ينتقل من مكان إلى آخر مثل الملائكة الذين ينزلون من السماء إلى الأرض. فهو في السماء، وهو هنا على الأرض. ولكنك ستقول لي "كيف يمكن أن يكون الله في الجحيم ؟ أو كيف يمكن أن يكون في الظلمة، أو في الشيطان، أو في الأماكن الفاسدة؟ "فأجيبك أن الله غير قابل للتأثر بالشر ويحوى كل الأشياء، لأنه غير محدود، وأما الشيطان الذي هو خليقة الله، فهو مقيد. أما طبيعة الصلاح (الله) فلا تؤثر فيها النجاسة أو تلوثها كما أن الظلمة لا تستطيع أن تجعله مظلما. فإذا قلت إنه لا يحوى كل الأشياء بما فيها الجحيم والشيطان، فإنك بذلك تجعله محدودًا من جهة المكان الذي يوجد فيه العدو الشرير، وعلى هذا الأساس يقتضى البحث عن إله آخر أعلى منه. فالله إذن يلزم أن يكون في كل مكان. ولكن اللاهوت له طبيعة سامية ونقية جدًا حتى أن الظلمة، لا تستطيع أن تدركه أو تفهمه، ولا يستطيع الشرير أن يشترك في نقاوته رغم أنه موجود فيه. وبالنسبة لله لا يوجد شر جوهري حيث إن الشر لا يستطيع أن يصيبه بأي أذى.
لنحول أفكارنا إلى المسيح :
6ـ أما بالنسبة لنا، فالشر حقيقي، لأنه يسكن في القلب ويعمل فيه إذ أنه يوحى بالأفكار الشريرة والمنجسة، ولا يدعنا نصلى نقاوة، بل يجذب عقولنا إلى العبودية لهذا العالم، وقد جعل النفوس ملبسًا له وتغلغل حتى إلى عظامنا ولمسها مع أعضائنا.
فكما أن الشيطان موجود في الهواء، وكما أن الله موجود هناك، فإن الله لا يصاب بأي أذى نتيجة وجوده مع الشيطان في الهواء. وهكذا فإن الخطية موجودة في النفس ونعمة الله موجودة فيها كذلك دون أن تصاب نعمة الله بأى أذى وكما أن الخادم الذي يكون بجوار سيده هو في خوف مستمر بسبب قربه من سيده، وهو لا يفعل شيئا بدون سيده. هكذا يجب علينا أن نحول أفكارنا إلى سيدنا المسيح ونكشفها له، وهو الذي يعرف القلب، وليكن في داخلنا رجاء وثقة أنه هو "مجدي، وهو أبى، وهو غناي".
ينبغى أن يكون لك في قلبك حرص ومخافة. فحتى إذا لم يكن الإنسان حاصلاً على نعمة الله مغروسة وثابتة فيه بشدة حتى أنها تقوده وتوقظه وتحثه على الأشياء الصالحة ليلاً ونهارًا وبلا انقطاع وتكون مرتبطة بنفسه كما برابطة طبيعية، فعلى الأقل، ينبغى أن يكون له الحرص، والخوف والاجتهاد، وانسحاق القلب، ثابتة فيه باستمرار كأنها حقيقة طبيعية غير متغيرة.
النعمة تنشئ المحبة الإلهية وتغير القلوب :
7ـ ومثل نحلة تصنع قرصًا من العسل داخل الخلية، هكذا النعمة تنشئ المحبة الإلهية سرًا في القلوب وتغيرها من المرارة إلى الحلاوة ومن الخشونة إلى الرقة واللطف، وكما أن الصائغ والنقاش حينما يحفرون أو ينقشون لوحة، فإنه يغطى أجزاء من الصور التي ينقشها على اللوحة، ولكنه حينما ينهي عمله، فإنه يظهرها لامعة بالنور، هكذا الرب الصائغ والفنان الحقيقي يحفر على قلوبنا وينقشها، ويجددها في صمت وسكون إلى أن يأتي يوم خروجها من الجسد، وحينئذ يظهر جمال النفس بوضوح.
وأولئك الذين يريدون أن يصنعوا أواني، ويصوروا فيها صور حيوانات فإنهم يصنعون تصميمهم أولا على الشمع (قالب)، ثم يصبون المعدن على القالب، وهكذا يكتمل العمل على حسب التصميم الموضوع أصلاً. هكذا الخطية، رغم أنها ليس لها جسد ، ولكن لها صورة وهي تتخذ أشكالا كثيرة، وبنفس الطريقة فإن الإنسان الباطن هو مثل واحد من هذه الحيوانات (التي ترسم) فإن له صورة وله شكل لأن الإنسان الباطن هو على مثال الإنسان الخارجي. وما أعظم هذا الإناء وما أثمنه إذ أنه هو الإناء الوحيد الذي سر الرب به من بين جميع المخلوقات. وأفكار النفس الصالحة هي كحجارة ثمينة ودرر، وأما الأفكار النجسة فهي مملوءة "عظام أموات وكل نجاسة " ورائحة رديئة (مت27:23).
من هم المسيحيون بالحق ؟ :
8ـ فالمسيحيون إذن هم من عالم آخر وهم أولاد آدم السماوي، جنس جديد، أولاد الروح القدس وأخوة المسيح المضيئين، مثل أبيهم آدم السماوي المضيء. وهم من تلك المدينة، ومن ذلك النسب، ومن تلك القوة (السماوية)، إنهم ليسوا من هذا العالم ، بل من عالم آخر، والرب نفسه يقول " أنتم لستم من هذا العالم كما أنى أنا لست من هذا العالم" (يو16:17).
ولكن كما أن التاجر الذي كان في رحلة طويلة لأجل تنمية تجارته ويكون قد سبق قبل عودته وأرسل لأصدقائه ليهيئوا له منازل وحدائق وملابس بحسب ما يلزمه وحينما يعود إلى بلدته فإنه يحضر معه أموالاً كثيرة ويلاقيه أصحابه وأقرباؤه بفرح عظيم، كذلك في الأمور الروحانية فالذين يجعلون الغنى السماوي هو موضوع عملهم وانشغالهم فإن أصدقاءهم وأهل بلدتهم، أى أرواح الصديقين القديسين والملائكة يعرفون عملهم واهتمامهم، ويقولون بفرح وإعجاب: "إن اخوتنا الذين على الأرض قد أتوا بغنى عظيم". فهؤلاء عند رحيلهم من العالم يكون الرب معهم ويسببون فرحا عظيما لأولئك الذين هم خاصة الرب في السماء، يستقبلونهم مجهزين لهم بيوتا وبساتين وملابس كلها لامعة وثمينة جدًا.
الحاجة للاعتدال والإفراز :
9ـ إننا نحتاج إلى الاعتدال والتبصر في كل الأمور، حتى لا تتحول الأشياء الصالحة التي تبدو أننا قد امتلكناها، إلى ضرر لنا. فإن الذين هم رحومين بطبيعتهم، إذا لم يحفظوا أنفسهم فقد ينزلقون تدريجيًا إلى الضلال عن طريق نفس شفقتهم ورحمتهم، وأولئك الذين عندهم حكمة يمكن أن تخدعهم حكمتهم. فيجب على الإنسان أن يكون معتدلاً ومتزنًا معًا في جميع الاتجاهات: بأن يجمع الشفقة مع الشدة، والحكمة مع حرية التصرف، والقول مع العمل، وفي كل شيء يضع ثقته في الرب لا في نفسه.
لأن الفضيلة تُتَبل بتوابل متنوعة كثيرة، كما أن طعامنا الضروري يُتَبل بأنواع من البهارات ـ ليس بالعسل فقط، بل بالفلفل أحيانًا ـ وهكذا يصير صالحًا ومناسبًا للأكل .
10ـ وأولئك الذين يقولون أن الخطية غير موجودة في الإنسان هم مثل أناس مغمورين تحت مياه كثيرة فائضة، ومع ذلك لا يقرون بأن المياه تغمرهم، بل يقولون، "إننا سمعنا صوت المياه سماعًا" ورغم أنهم يكونون مغمورين في عمق أمواج الشر، فمع ذلك يقولون أن الخطية غير موجودة في عقلهم أو أفكارهم.
الفرق بين الفكر النظري وبين الدخول للكنوز السماوية :
يوجد فرق عظيم بين أولئك الذين لهم فكر نظري وقدره على الكلام، ولكنهم غير مُملّحين بالملح السمائي ـ الذين يتحدثون عن المائدة الملكية دون أن يكونوا قد ذاقوا منها شيئا أو تمتعوا بها وبين إنسان يرى الملك نفسه، وقد كشفت له الكنوز السماوية وقد دخل إليها، وصار وارثًا لها، وهو يأكل ويشرب من المأكولات السماوية الثمينة.
الحرص وانسحاق القلب وعناية النعمة :
11 ـ وإن كان لأم ابن وحيد، وسيم جدًا، وعاقل وحكيم، ومزّين بكل الصفات الصالحة، وقد وضعت كل آمالها فيه فإذا مات هذا الابن ودفنته فإنها تصاب بأحزان لا نهاية لها وبكاء ونحيب حتى أنها لا تستطيع أن تتعزى. هكذا أيضا ينبغي على العقل أن يحزن ويبكى حينما تموت النفس عن الله ويكون له كآبة كثيرة وقلب منسحق، ويكون في خوف وحرص، وفي نفس الوقت يكون له جوع وعطش باستمرار إلى كل ما هو صالح، فمثل هذا الإنسان تأخذه يدى نعمة الله والرجاء الإلهي لتعتني به النعمة فلا يعود يحزن أيضًا، بل يبتهج ويفرح كمن وجد كنزًا عظيمًا، ولكنه يرتعد خوفًا أيضًا لئلا يفقد الكنز. لأن اللصوص يحضرون كثيرًا للهجوم عليه. ومثل إنسان تعرض لخسائر كثيرة من اللصوص واستطاع أن ينجو منهم بصعوبة شديدة وبعد هذا حصل على غنى وفير وخيرات كثيرة، فإنه لا يعود يخشى تأثير الخسارة عليه بسبب ثرائه الوفير، هكذا الرجال الروحانيون فإنهم يتعرضون أولا لتجارب وضيقات مخيفة، ولكنهم حين يمتلئون بالنعمة ويفيضون بالصالحات ، فإنهم لا يعودون يخافون من أولئك الذين يريدون أن يسرقوهم ، بسبب أن غناهم صار عظيمًا، ولكنهم يخافون ـ ليس خوف المبتدئ من أرواح الشر، بل لهم خوف وحرص كيف يستثمرون المواهب الروحية التي ائتمنوا عليها.
النعمة تغرس التواضع في النفس :
12ـ والواحد من هؤلاء الروحانيين، يعتبر نفسه أحقر من جميع الخطاة، ويتأصل فيه هذا الفكر حتى يصير كجزء من طبيعته وكلما تقدم في معرفة الله، بقدر ذلك يحسب نفسه جاهلاً تمامًا، وكلما تعلم فإنه يحسب نفسه أنه يعرف أقل. إن النعمة هي التي تقوم بهذا التأثير في النفس وتجعله كجزء من الطبيعة في النفس.
ومثل الطفل الذي يحمله شاب قوى، والذي يحمله يأخذه إلى حيث يشاء، هكذا النعمة التي تعمل في أعماق النفس فإنها تحملها وترفعها إلى السموات، إلى العالم الكامل، والراحة الأبدية.
الراحة وعدم الراحة :
ولكن النعمة فيها درجات ورتب. إذ أن رئيس العسكر الذي يحق له الدخول إلى الملك يختلف عن الضباط. وكما أن البيت الذي يمتلئ بالدخان يفرغ الدخان أيضا إلى الفضاء الخارجي هكذا الخطية المخزونة في النفس تخرج إلى الخارج وتنتج ثمارها. وكما أن أولئك الذين كلفوا بحكم إحدى الولايات أو كلفوا بإدارة الخزانة الملكية هم دائمًا في قلق وحذر لئلا يسيئوا إلى الملك، هكذا أولئك الذين استؤمنوا على العمل الروحاني هم دائمًا في حذر وحرص رغم أنهم يكونون في راحة إلا أنهم لفترة من الوقت يكونون كأنهم لم يحصلوا على الراحة بعد. لأن مملكة الظلمة التي دخلت إلى مدينة النفس والقوات الغريبة التي سيطرت على مراعيها هي في طريقها أن تطرد خارج النفس.
13ـ والمسيح الملك يرسل لينتقم للمدينة ويقيد الظالمين بالسلاسل، وتعسكر الجنود السماوية وجيش الأرواح المقدسة هناك كأنهم في السموات، وحينئذ فإن الشمس تضئ في القلب وتخترق أشعتها وتدخل إلى كل الأعضاء، وهكذا يملك سلام عميق ويصير هو القوة المسيطرة هناك.
استمرار الصراخ إلى الله :
ولكن عزيمة الإنسان في الحرب والجهاد وقيمته الحقيقية وإرادته الصالحة من نحو الله، كل هذه تظهر حينما تتأخر النعمة ولكنه يظل شجاعا ويستمر يصرخ إلى الله. إنك حينما تسمع أن هناك أنهار بها تنانين، وأفواه أسود وقوات مظلمة تحت السماء ونار تحرق الأعضاء فإنك لا تفكر فيها، غير عالم أنك إن لم تنل عربون " الروح القدس" (2كو22:1)، فإن هذه كلها تمسك بنفسك عند خروجها من الجسد ولا تدعوك تصعد إلى السماء.
أتى هو بشخصه ليدعوك إلى فوق :
وبنفس الطريقة، حينما تسمع عن كرامة النفس وكيف أن جوهرها العاقل ثمين جدًا، فإنك لا تفهم أن الله لم يقل عن الملائكة، بل عن الطبيعة البشرية " لنصنع الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك26:1). وأن السماء والأرض تزولان ولكنك أنت قد دعيت إلى الخلود، والتبني، والأخوة للملك، ولتكون عروسًا له. في هذا العالم الذي حولنا كل ما هو للعريس يصير للعروس، وهكذا كل ما هو للرب، مهما كان فإنه يودعه إياك. لقد أتى هو بشخصه إلى معونتك، ليدعوك إلى فوق، وأنت لا تقدر ولا تفهم مقدار كرامتك. لذلك فالمرنم الملهم يبكى على سقطتك قائلا: " إنسان في كرامة ولا يفهم، فهو مثل البهائم بلا عقل، وهو يُشبّه بها" (مز20:49). فليكن المجد للآب وللابن، وللروح القدس. إلى الأبد آمين
الشر وعناية الله
![]() |
| صورة توضح عناية الله بالفرد |
إن كنت تفحص أمور الله ولا تريد الخضوع لمقاصده العميقة غير المفحوصة، إن حصرت هدفك في مجرد التساؤلات المملوءة فضولاً، فإنك تظل تتساءل في أشياء أخري كثيرة مثل:
لماذا ترك الله الباب مفتوحًا للهرطقات؟
لماذا أوجد إبليس والشياطين والأشرار الذين ُيسقطون كثيرين؟...
لماذا ينبغي أن يأتي ضد المسيح وتكون له قدرة على التضليل حتى إن أمكن أن يضل المختارين كقول السيد المسيح؟
يجدر بنا ألا نبحث هذا كله وإنما نسلم لحكمة الله غير المدركة فالإنسان المحب الملتصق بالله على الدوام لا تؤذه الأمواج مهما هاجت ضده، وإنما على العكس يخرج منها بقوة جديدة. أما الشخص الضعيف المتخاذل فإنه حتى وإن لم يوجد ما ضايقه فإنه يسقط كثيرًا...
أما إذا أردت معرفة السبب (لترك الأشرار) نقول ما نحن نعرفه:
1. أن الله يسمح بهذه العثرات لكي لا تقل مكافأة الأبرار. وهذا ما أكده الله في حديثه مع أيوب قائلاً : "أتستذدني لكي تتبرر أنت؟!" ويقول بولس أيضًا "لأنه لابد أن يكون بينكم بدع أيضًا ليكون المزكون ظاهرين بينكم". وإذا سمعت "لابد أن يكون" فلا تظن أن الرسول يأمر بهذا. كلا! إنما هو يتنبأ بما يحدث، ثم يعود فيشرح أن الإنسان الساهر يستفيد كثيرًا إذ تتزكى فضيلة الثابتين.
2. سمح للأشرار بالعمل لسبب آخر، وهو أنه إن لم يظهر ضعفهم لا يمكن حصاد تجديدهم. هكذا تجدد بولس واللص والزانية والعشار وكثيرون غيرهم...
3. يعلن الرسول سببًا آخر لمجيء ضد المسيح، ما هو؟ إغلاق الباب أمام اليهود. فما هوعذرهم برفضهم المسيح وقد كان يجدر بهم أن يؤمنوا به، إذ يقول: "لكى ُيدان جميع الذين لم يصدقوا الحق" أيّ "المسيح" بل "سروا بالأثم" أيّ بضد المسيح. هكذا لم يؤمنوا بالمسيح لأنه قال عن نفسه أنه الله. قالوا: "نرجمك لأنك وأنت انسان تجعل نفسك إلهًا"، مع أنه أثبت لهم بطرق كثيرة أنه جاء حسب إرادة الآب. فماذا يفعلون حينما يأتى ضد المسيح الذي يجعل نفسه إلهًا ولا يتكلم عن الآب، مناقضًا إرادة الآب؟ هذا ما أخذه عليهم السيد المسيح إذ يقول"أنا قد أتيت بأسم أبى ولم تقبلوننى. إن أتى أحد باسم نفسه فذلك تقبلونه". من أجل هذا سمح لهم بالعثرات.
أن ذكرتم لى من تعثروا أذكر لكم الذين حصدوا منها مجدًا. لذا أعود فأكرر أنه لا يجوز أن يتسبب إهمال البعض وكسلهم في حرمان الساهرين من الجعالة والإكليل بالنسبة للمتيقظين. فلو لم يتح لهم هذه الفرص من الحروب لأسيء إليهم!
القديس يوحنا ذهبى الفم













