![]() |
يا إخوتي الأحباء إن العبراني يعرف من ثلاثة أمور : الختان ؛ والفصح ؛ والسبت .
الختان :
مكتوب في التكوين : " ابن ثمانية أيام يُختتن كل ذكر في أجيالكم ؛ وليد البيت والمبتاع بالفضة ؛ والذي لا يُختتن يُقطع من شعبه . إنه إن نكث عهدي { تك 17 : 12 ـ 14 } .
إبراهيم أختتن أولاً ؛ هذه هي العلامة أن اليساري قد مات فيه ؛ هذا هو الرمز الذي أعطي للقدماء عن الإنسان الجديد الذي أظهره الرب يسوع المسيح في جسده المقدس ؛ أما الإنسان العتيق ( أي الذي يغطي عضو الرجولة ) قد أختتن ودفن .
وعن هذا يقول الرسول : " وبه أيضاً ختنتم ختاناً غير مصنوع بيدٍ ؛ بخلع جسد خطايا البشرية بختان المسيح ؛ مدفونين معه الآن في المعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه بإيمانكم بقوة اللـه ". { كو 2 : 11 ، 12 }.
وأيضاً : " ينبغي أن تخلعوا مع تصرفكم السابق ؛ الإنسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور ؛ لتتجددوا بتغيير أذهانكم وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب اللـه في البر وقداسة الحق " { أف 4 : 22 ـ 24 } . وأيضاً : " لكي تموتوا عن الخطايا وتحيوا للبر " { 1بط 2 : 24 } .
هذا عن الختان ؛ فالذي ليس له هذا فهو لم يُختتن بعد ولا هو عبراني ؛ لأنه نكث العهد الذي ثبَّته الرب يسوع بدمه الثمين .
الفصح :
أما الفصح المقدس ؛ فهناك أمور عظيمة نقولها فيه ؛ فالختان أولاً والفصح ثانياً ؛ والسبت ثالثاً ؛ لأنه قيل لموسى : " هذه هي فريضة الفصح كل ابن غريب لا يأكل منه ؛ وكل عبد مبتاع بالفضة لا يأكل منه ؛ بل تختن كل عبد مبتاع بالفضة وهكذا يأكل منه ؛ والذي لا يُختن فلا يأكل منه ؛ في بيت واحد تأكلونه ؛ وأحقاؤكم مشدودة وأحذيتكم في أرجلكم وعصيكم في أيديكم " . { خر 12 : 43 ـ 48 } .
كما كان مستحيلاً أن يؤكل الفصح دون أن يكون مشوياً بالنار ومع فطير ؛ وعلى أعشاب مرة . فهو لم يقل : " ومناطقكم على أحقاءكم . حتى يظن أحد أنه يتكلم بخصوص المناطق ؛ بل يقول: " منطقوا أحقاءكم" فهو يتكلم إذاً عن الطهارة الخالصة من كل وجع يختص بعلاقة جسدية في النجاسة .
كما يذكر الأحذية من أجل الاستعداد والهرب من كل وخز يجرح الضمير ؛ ويعوق الروح من الرؤيا والتأمل في النقاوة ؛ أما العصا فهي شجاعة الرجاء للسير في الطريق بلا خوف ؛ لدخول أرض الموعد .
تلك هي الأمور التي بِها يحتفلون للسبت : علامة الدم ؛ ترمز إلى دم ربنا يسوع المسيح عندما يأتي في مجيئه الثاني ويقتاد بني إسرائيل إلى ميراثهم إذ يظهرون مستعدين وممسوحين ؛ وعلامته واضحة على نفوسهم ؛ أما باقة الزوفا فهي تشير إلى الإماتة لأنه قيل : " تأكلونه على أعشاب مرة " .
فأفحص نفسك إذاً يا أخي : هل أنت مختون ؟ هل مَسحت قوائم بيتك بدم الخروف الذي بلا عيب ؟ هل تَحوَّلت عن كل فكر أرضي ؟ وهل استعديت للمسير بلا خوف للدخول إلى أرض الموعد ؟
السبت :
هناك أمور عظيمة نقولها تخص السبت :
فالسبت يخص أولئك الذين استحقوا الختان الحقيقي ؛ وأكلوا الفصح المقدس ؛ وخلصوا من المصريين وشاهدوهم يغرقون في البحر الأحمر .
لقد عيّدوا السبت بعد عبوديتهم المرة ؛ فقد قال اللـه لموسى : " ستة أيام تعمل ؛ وفي السابع سبت راحة الرب كل من يصنع عملاً في يوم السبت يقتل " . { خر 20 : 29 ؛ 31 : 15 } .
أما ربنا يسوع نفسه فقد أحتفل للسبت الحقيقي وعلم خواصه كيف ينبغي أن يحتفلوا به حين صعد على الصليب يوم الاستعداد وأكمل كل استعداده قبل أن يصعد عليه أي بالآلام التي احتملها من أجلنا وعاناها في الخشبة مسمراً ذاته دون أن ينفك أو ينحل ما دامت فيه نسمة .
وإذ صرخ " أنا عطشان " قدموا له إسفنجة من الخل ؛ فلما ذاق قال : " قد أكمل " وإذ نكس رأسه " سلم الروح " فأنزلوه دون أن يتحرك مقدِّساً بذلك السبت بحق .
أخيراً دخل الرب يسوع راحته في اليوم السابع ؛ وباركه لأنه فيه استراح حقاً من جميع أعماله التي أبطل بِها الأوجاع البشرية كقول الرسول : " إذ دخل راحته استراح من جميع أعماله ؛ كما اللـه من أعماله " .
مَن يحمل حمل الرذائل ؛ يتعدى على السبت :
هذا هو السبت الحقيقي ؛ والذي لا يحتفل به ليس بيهودي ؛ فإرميا النبي يبكي على الشعب ويقول لهم : " لا تحملوا حملاً يوم السبت ؛ ولا تخرجوا من أبواب أورشليم حاملين أحمالاً يوم السبت " .
يا لشقائي أنا البائس ؛ مخالف الوصايا المقدسة ؛ أنا الذي أحمل أحمالاً ثقيلة يوم السبت ؛ مع أني مُتُّ معه ودُفنت معه وعيَّدتُ للسبت معه .
فما هي تلك الأحمال الثقيلة التي أحملها والتي أصنعها ؟ الغضب حمل ثقيل ؛ الحسد ؛ والبغضة ؛ والمجد الباطل ؛ والأغتياب ؛ الذم ؛ الاحتداد ؛ العظمة ؛ تبرير الذات ؛ الانفعال ؛ الخصام ؛ محبة الذات ؛ الحقد ؛ هذا بالنسبة للجسد .
فالشره ؛ محبة الجسد والتزين ؛ والتنعم ؛ الشهوة الرديئة ؛ والانحلال ؛ وجميع هذه الأمور وما يشبهها أبطلها الرب يسوع من جسد القديسين ؛ إذ قتلها جسده ؛ مبطلاً ناموس الوصايا مع فرائضها ؛ فهذا هو السبت المقدس .
فالذي يحمل هذه الأحمال الثقيلة ؛ ويعملها يوم السبت ؛ كيف أن يقول : " أنني يهودي حقيقي " ؟ إن هذا الإنسان يخدع نفسه ؛ إذ ليس له سوى الاسم فقط ؛ ولم ينل شيئاً من يسوع ؛ لأنه ما يزال ينكره في سلوكه الخاص ؛ إذ أقام ما كان قد أماته ؛ وأحيا من جديد ما كان قد دفنه ؛ ولم يظهر كعبراني حقيقي ؛ بل كإنسان مخادع لم يُختن ولم يحتفل بالسبت بعد .
الإسرائيلي الحقيقي :
عندما يدخل الرب يسوع مجده سيُدخل معه إلى ملكوته الأبدي ؛ من بني إسرائيل كلَّ الذين اختتنوا له ؛ أولئك الذين جمعهم من كل الشعوب ؛ حسبما قال الرسول : " إن القساوة قد حصلت جزئياً لإسرائيل إلى أن يدخل ملئ الأمم " . وأيضاً : " فكل الذين يسلكون بحسب هذا القانون ؛ عليهم سلام ورحمة وعلى إسرائيل اللـه " .
ترى إذاً أن إسرائيليو اللـه ؛ هم أولئك الذين لهم ختان القلب وحفظ السبت وإبطال الخطية ؛ إذ يقول الرسول أيضاً : " لأن اليهودي في الظاهر ليس يهودياً ؛ ولا الختان الذي من الظاهر ختاناً ؛ بل اليهودي في الخفاء هو ؛ وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان .
نور سيرة الرب :
لننتبه لأنفسنا يا إخوتي ؛ فإلى متى ثقل قلوبنا ؛ ونُهلك أتعابنا بسبب تَهاوننا ؛ غير عالمين أن عدونا هو فينا يتملقنا ويجتذبنا كل يوم أن يفسح لعيوننا أن تبصر شيئاً من نور اللاهوت .
أمتحن نفسك أيها الإنسان الشقي؛ يا من تعمدت في دم المسيح ولموته؛ ما هو الموت الذي ماته ؟ إن كنت تتبع إثر خطواته أرني أسلوب حياتك . أنه لا يخطئ ؛ ويقدم لك نفسه مثالاً في كل شيء .
لقد سار في فقر ؛ ألا تحتمل أنت الفقر ؟ لم يكن له أين يسند رأسه ؛ وأنت أفلا تحتمل بل وتفرح أن تكون متغرباً ؟ أحتمَّل الإهانات ؛ أفلا تحتمل إساءة واحدة ؟ هو لم يكافِئ عن الشر ؛ وأنت ألا تحتمل أن لا تكافئ ؟ عندما تألم لم يغتظ ؛ أما نحن فنغضب إذا ما تألمنا .
مكث هادئاً حين أهين ؛ وأنت تقلق ولو لم تصبك إهانة . كان يتضع ويعزي الذين يخطئون إليه ؛ أما أنت فتجرح بكلامك حتى الذين يحبونك ؛ هو كان يحتمل الضيقات بفرح ؛ أما أنت فتنزعج لأقل خبر غير مقبول ؛ كان وديعاً مع الذين سقطوا في الخطايا ؛ وأنت تتشامخ على من هم أفضل منك .
لقد سلم نفسه للذين أخطئوا ضده لكي يفديهم ؛ وأنت ليست لك استطاعة أن تبذل ذاتك من أجل الذين يحبونك .
هذا هو ما أعطاك إياه ؛ وأنت فماذا قدَّمت له ؟ اعرفه من أعماله ؛ واعرف نفسك من أعمالك ؛ إن كنت قد مُت معه فمن الذي يرتكب هذه الخطايا ؟
نور الوصايا :
فلننتبه يا أحبائي كما ينبغي إلى وصاياه المقدسة ؛ ولنقطع مشيئتنا ؛ فنرى نور الوصايا ؛ إن كنا نحب الذي يكرمنا ؛ فما الذي نفعله أفضل من الوثني ؟ أتصلي من أجل الذين يُحسنون إليك ؟ إن العشارون يفعلون ذلك أيضاً ؛ إذا كنت تُسَرُ بالذي يمدحك ؛ فاليهودي يفعل ذلك على السواء .
فما هو الفضل الذي تفعله أنت الذي قد مُتَّ للخطية وتحيا في المسيح يسوع ؟ إن كنت تحب فقط من يطيعك ؛ فما الذي تفعله أفضل مما يفعله الشرير ؟ " إذ أنه يفعل هذا أيضاً مثلك " .
إن كنت تبغض الذي يسئ إليك أو يعصاك أو يحتد عليك فأنت تماثل الوثني ؛ لقد كان يجب عليك بالأحرى أن تصلي من أجله لكي ينال الغفران ؛ أما إذا كنت تسخط على من يشتمك ؛ فأنت تماثل العشار الذي يفعل ذلك أيضاً .
فحص النفس وذكر الدينونة القادمة :
أمتحن نفسك إذاً يا من قد اعتمدت لأسمه القدوس ؛ هل هذه هي الأعمال التي بِها استعلن لنا ؟ أم كيف يمكنك أن تظهر في يوم مجده وتُطل ما لم تحصل ( ههنا ) على إكليل النصرة مقابل الأوجاع التي أنتصر عليها مَلِكَك من قبل ؛ مقدماً نفسه مثالاً . لأنه عندما يستعلن في مجده ؛ وهو ملك الملوك ورب الأرباب ؛ سوف يظهر أمام نظر جميع الشعوب في مجده العظيم ؛ حاملاً آثار ما أحتمله من أجلنا .
بينما ستظهر أنت دون أن تُرى في جسدك أية سمة لآلامه ؛ نعم سيقول لك : " لستُ أعرفك " . بينما ترى جميع القديسين الذين ماتوا لأجل اسمه حاملين علامته ؛ نلاحظ أنَهم احتملوا الشر ولم يكافئوا عنه ؛ دمهم هو الذي يصرخ " أنتقم لنا من الساكنين على الأرض " .
أما من جهتي أنا الذي أحب كل أنواع الراحة فماذا أقول في ذلك اليوم ؛ أرى هناك الأنبياء والرسل والشهداء وغيرهم من القديسين الذين احتملوا العذابات الأليمة ؛ دون أن يردوا عليها أو يستسلموا للغضب بسببها ؛ مقتنعين أنَها ليست من مشيئة بشرية ؛ بل من شر الشيطان الذي كان يغضب مضطهديهم لكي يعاملوهم هكذا .
أنَهم ما كانوا يحتدون على الذين يسلمونَهم للموت؛ أو يرجمونَهم ؛ أو يحرقونَهم ؛ أو يغرقونَهم ؛ بل كانوا يصلون من أجلهم لكي ينالوا الصفح؛ عارفين بالذي كان يغضبهم على أن يفعلوا بِهم هكذا ( أي الشيطان ) .
أفحص نفسك جيداً أيها الأخ المحبوب؛ وأنظر ماذا تفعل لاحظ فكرك: هل أنت أمام اللـه ؟ إنك لن تستطيع أن تخفي شيئاً في تلك الساعة .
فما يقوله الإنسان ؛ لا يقوله كما يريد ؛ بل حينئذٍ في القيامة ؛ يقوم كل إنسان متسربلاً بسيرته الخاصة مثل الثوب سواء كانت بارة أم أثيمة ؛ فالأفعال نفسها هي التي ستتكلم ؛ ومنها يعرف كل واحد موضعه هناك .
طوبى لمن جاهد وخلع عنه كل ما من شأنه أن يجتذبه إلى جهنم؛ وليس ما يقوده نحو الملكوت فقد قال الرسول لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السماوات بناء من اللـه بيت غير مصنوع بيد أبدي .
إن زمان عمرنا ليس شيئاً ؛ وها نحن ننخدع كل يوم من أيام حياتنا إلى أن تدركنا تلك الساعة فنبكي ونذرف الدمع إلى الأبد .
فلهذا ينبغي ألا تفتر قلوبنا ؛ بل لنعمل قدر قوتنا بسهر واهتمام مبتهلين كل حين إلى صلاح اللـه لكي يعيننا ؛ ولا نستسلم للغضب تجاه الآخرين من أجل أقوال تقال بغير ترو وبدون تعمدٍ ؛ فلكونَهم غير كاملين يعملون كآلات في يد العدو ؛ وهم متغربون عن اللـه ؛ إلى أن يصيروا مرفوضين ويتركوا ميدان الجهاد .
الاتضاع وقطع المشيئة :
اقتنوا يا إخوتي اتضاعاً في كل شيء ؛ احتملوا الإهانة بصبر ؛ واجتهدوا كل حين أن تطرحوا عنكم مشيئتكم ؛ لأن تمسك الإنسان بمشيئته يُهلك جميع الفضائل .
أما مَن كانت أفكارهم مستقيمة فهو يقطع مشيئته بالوداعة ويخاف من التنازع كما من حيَّة ؛ لأن النزاع يهدم البناء كله ويظلم النفس فلا تعود ترى شيئاً من نور الفضائل ؛ فتيقظوا إذاً مقابل هذا الوجع اللعين الذي يمتزج بالفضائل ليهلكها .
إن ربنا يسوع لم يصعد على الصليب قبل أن يطرد يهوذا من وسط تلاميذه ؛ لهذا فالإنسان إذا لم يقطع عنه هذا الوجع الرذيل لا يستطيع أن ينمو وفقاً لمشيئة اللـه ؛ وذلك لأن جميع الشرور تتبعه فهو يلد عدم الصبر والمجد الباطل .
إن كل ما يبغضه اللـه يسكن في نفس المشاكس والمتصلف ؛ وكل ما يظنه أنه بحسب اللـه ؛ ما هو إلا كذب ؛ حسبما توضح جميع الأقوال الإلهية .
من ثم أحكم على نفسك أولاً ؛ يتولد لك الاتضاع ؛ وأقطع مشيئتك لقريبك بمعرفة ؛ فهذا هو الاتضاع .
النقاوة هي الصلاة للـه ؛ عدم تذكية الذات يفسح لك فرصة للبكاء ؛ عدم الإدانة هو المحبة ؛ طول الروح يكون بقطع الفكر السيئ ضد القريب؛ القلب المحب للـه لا يرد الإساءة ؛ جمع الفكر ( من الطياشة ) هو ألا تفكر فيما لا يعنيك ؛ المسكنة هي بساطة القلب؛ قمع الحواس هو السلام؛ الاحتمال هو الوداعة ؛ الرحمة هي الصفح .
والذي يأتي بك إلى هذه كلها هو قطع مشيئتك ؛ فهو يؤلف بين الفضائل ؛ ويجعل الذهن بغير اضطراب .
ومجمل القول إنني ما رأيت في جميع الأسفار الإلهية أن اللـه يريد من الإنسان شيئاً سوى أن يتضع في كل شيء لقريبه ؛ ويقطع مشيئته في كل أمر ؛ وأن يبتهل بلا انقطاع إلى اللـه طالباً يد المعونة ؛ وأن يحفظ عينه من نوم الغفلة وضلالة السبي ؛ لأن طبيعة الإنسان رديئة مائلة للتغيير .
فاللـه هو الذي يحفظنا ؛ ولديه القوة التي تؤازرنا ؛ وهو الملجأ الذي يحمي فقرنا؛ ومن عنده التوبة التي تردنا إليه ؛ له الشكر لكي ينعم به علينا؛ فهو الذي يمنحنا نعمة الشكر والتسبيح له ؛ ومنه الحماية التي تحفظنا من أيدي أعدائنا . له المجد والكرامة إلى دهر الدهور . آمين
أقوال إضافية :
هذه الأمور تلد الخصام وتخرب النفس بلا شفقة : كثرة الكلام ؛ الأحاديث الملتوية ؛ رياء الأقوال لأرضاء كل أحد ؛ الدالة الرديئة ؛ المداهنة والصفاقة ؛ والنفس المغلوبة لهذه عاقرة من الفضيلة .
فإن كانت النفس بعد هذا كله لا تبذل جهدها لنيل كل فضيلة فهي لن تستطيع أن تدرك راحة ابن اللـه .
فلا تكونوا إذاً غافلين عن حياتكم يا إخوتي ؛ ولا تجعلوا نفوسكم تتخذ كل يوم علة للكسل ؛ ومداومة فعل الشر .
فإحذروا ألا تسرقكم الأيام قبل أن تدركوا راحة ابن اللـه ؛ التي هي التواضع في كل أمر ؛ بساطة القلب ؛ عدم بغضة أي إنسان ؛ عدم الالتفات لشىء ليس من اللـه ؛ نظر الإنسان الدائم إلى خطاياه ؛ والموت عن كل أفعال الشر ؛ اللـه منزه عن الكذب . فهو يأتي ليعين ضعفنا بمراحمه . آمين .
من ميامر مار إشعياء الأسقيطى

